https://www.massahat.com/أراءالقاعات السينمائية بالمراكز الثقافية بين تطلعات المتابع وإكراهات الواقع./ بقلم : محمد حتيجي (مؤلف ومخرج مسرحي).
أراءالكل

القاعات السينمائية بالمراكز الثقافية بين تطلعات المتابع وإكراهات الواقع./ بقلم : محمد حتيجي (مؤلف ومخرج مسرحي).

القاعات السينمائية بالمراكز الثقافية

بين تطلعات المتابع وإكراهات الواقع

بقلم : محمد حتيجي (مؤلف ومخرج مسرحي).

 

لا يختلف اثنان في المبادرة المحمودة المتبناة من طرف وزارة الثقافة والمتعلقة بمشروع سينما القرب من خلال انطلاق 150 قاعة سينمائية على مراحل ( 50 قاعة في المرحلة الأولى)، والذي يندرج في إطار خلق فضاءات وتأهيل البنيات التحتية لترسيخ المشهد السينمائي عبر تقديم خدمات ثقافية جديدة داخل المراكز الثقافية والمخصصة لاحتضان الأنشطة المسرحية والفنية المتنوعة، إضافة إلى السعي خلف سن استراتيجية واضحة المعالم تساهم في تقوية الصناعة الثقافية وخلق سينما قادرة على كسب الرهان من خلال عرض وترويج أفلام رفيعة المستوى تعيد أمجاد السينما وكذا استرجاع ذلك الشغف الذي كان يحدو عشاق السينما منذ سنوات خلت، مع العلم أن هذا الجمهور إضافة إلى البنيات التحتية فهو في حاجة إلى منظومة سينمائية جادة قادرة على تخطي عقبة الجمود الذي تعرفه الساحة الفنية كما وكيفا في ظل إغلاق العديد من القاعات السينمائية، وفي ظل غزو عالم الأنترنيت بحيث أصبحت أغلب الأفلام متاحة في المواقع الإلكترونية، ولكن تبقى مشاهدة الأفلام في القاعات لها طقسها وطعمها الخاصين، وفي هذا السياق تطرح أسئلة جوهرية من قبيل هل فعلا ستساهم هذه القاعات في تحقيق المبتغى في ظل شبه عزوف الجمهور عن السينما لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية؟ وهل فعلا نحن في حاجة إلى صناعة ثقافية؟ وأي صناعة ثقافية نريد؟ وإلى أي حد يمكن لهذه القاعات الصمود أمام إكراهات واقع قطاع مليء بالمشاكل والاختلالات؟ ولكن كيفما كان الطرح، فنحن نأمل خيرا فالأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن كل التساؤلات، كما أن هناك ملاحظة أثارت الانتباه مع انطلاقة هذا المشروع هي الجدولة الزمنية بحيث نالت برمجة الأفلام حصة الأسد تقريبا طيلة الأسبوع في حين خصصت فقط يومين للمسرح والأنشطة الأخرى، علما بأن المسرح يشكل الركيزة الأساسية لعمل قطاع الثقافة، وخاصة أن الوزارة سبق وأن أطلقت مبادرات في مجال المسرح، من قبيل المسرح يتحرك، والرفع من دعم جوائز المهرجان الوطني للمسرح ودعم المهرجانات وترويج العروض المسرحية بالإضافة إلى تشجيع مشاركة الأعمال المسرحية على المستوى الوطني والدولي، ولكن تغليب برمجة السينما حتما سيساهم في التأثير سلبا على الأنشطة المسرحية والثقافية الأخرى وخاصة في نهاية الأسبوع، وكذا التأثير السلبي حتى على الفرق المسرحية والهدف من استغلال القاعات كما أن بعض التجهيزات السينمائية تم وضعها وسط القاعة وأصبحت تعرقل الأنشطة المسرحية وخاصة منها التداريب أو تقديم العروض مما خلف استياء وامتعاضا للممارسين المسرحيين على وجه الخصوص.
وحتى لا يتم إيلاء أهمية كبيرة للسينما بالمراكز الثقافية على حساب المسرح، يجب التفكير في إعادة إحياء القاعات السينمائية المغلقة كرها وضخ دماء جديدة من خلال دعم أربابها بغية استثمارها من جديد أو خلق قاعات جديدة مستقلة ولو بسعة أقل من المتداول من عبر تحويل بعض القاعات بالمنشآت الثقافية أو استغلال بعض المتاحف لهذا الغرض.
على أي فالصناعة الثقافية التي جاءت بها وزارة الثقافة بشكل عام تتطلب مجهودات أكبر على مستوى النهوض بالمشاريع الثقافية والفنية القادرة على خلق فئة من الجمهور قادرة على المشاركة الفعالة في تطوير السينما من خلال التشجيع على ارتياد القاعات السينمائية وعرض أفلام جيدة ونوعية تلامس هموم المتلقي وتحقق أفق انتظاراته وكذا خلق لقاءات حوارية تروم قراءات تحليلية ومناقشات الأفلام بحضور مخرجين ونقاد وباحثين سينيفليين، وأيضا إعادة إحياء الأندية السينمائية والانفتاح على المؤسسات التعليمية ودعم المهرجانات السينمائية، سعيا في تأهيل جيل يساهم في خلق حركية ودينامية حقيقية والتي لا يمكن أن تفي الغرض وحدها بمعزل عن سياسة ثقافية من خلال تسطير مخططات وبرامج جادة وهادفة تساوي بين جميع الفنون وتبني قرارات إدارية وفق تصورات تعمل على ضمان واستمرارية المشروع حتى لا تضيع كل الجهود والوقت سدى مع هدر المال العام وأيضا حتى لا تعصف الرياح السياسوية بالمكتسبات عند كل تغيير حكومي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ankara escort çankaya escort ankara escort